حسب تعريف الاستقالة الوارد في المادة الثانية من نظام العمل أن الاستقالة لا تقع إلا في العقد المحدد المدة وبالتالي لا يقبل ان نطلق لفظ الاستقالة على طلب إنهاء العقد في العقود غير محددة المدة، ولكن يجوز للعامل في العقد غير محدد المدة ان يلجأ إما إلى الاتفاق مع صاحب العمل على إنهاء العقد او بناء على إرادته المنفردة - مع المبرر المشروع طبعاً - حسب المواد 74و 75 من نظام العمل. نأتي الآن إلى صلب موضوع المقالة وإلى الأسئلة التي تدور حولها، وموضوع المقالة هل الاستقالة بحد ذاتها منهية وفاسخة لعقد العمل بمجرد تقديمها من العامل وأنها لوحدها سبب مشروع وان صاحب العمل لا يحق له رفضها وإنما يحق له فقط التأجيل؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول هناك قولان في هذه المسألة، الفريق الأول يقول نعم، وأن الاستقالة لا يحق لصاحب العمل رفضها وان حقه فقط هو تأجيلها فقط كما ورد في المادة 79 مكرر، الفريق الثاني يقول لا، وإنه يحق لصاحب العمل رفض الاستقالة وعندها لا تكون سبب مشروع وحجتهم التعريف الوارد في المادة الثانية من النظام. ونفصل في القول ونقول إن حجة الفريق الأول قوية، وهي مبنية على ما ورد في المادة 74 وان الاستقالة وردت لوحدها تحت الفقرة 3 مكرر وصدر المادة ينص على " ينتهي عقد العمل في أي من الأحوال الآتية وكون ان الاستقالة وردت بشكل عام فهي سبب لوحدها، كذلك يستندون على ما ورد في المادة 79 مكرر والتي تنص ان لصاحب العمل تأجيل قبول الاستقالة مدة لا تزيد على ستين يوماً في حالات معينة، وبالتالي لو كان من حق صاحب العمل رفض الإستقالة لورد ذلك في هذه المادة بوضوح، وكذلك يستند أصحاب هذا القول على بعض أحكام محكمة النقض المصرية التي كانت ترى ان الاستقالة لا تحتاج لموافقة صاحب العمل لأن الإستقالة تصرف بالإرادة المنفردة من جانب العامل. أما حجة الفريق الثاني وهي قوية ايضاً فتستند على ان تعريف الاستقالة الذي ورد في المادة الثانية حينما عرف الإستقالة بأنها إفصاح العامل كتابة عن رغبته دون إكراه في إنهاء عقد العمل محدد المدة دون تعليق على قيد أو شرط أضاف للتعريف " وقبول صاحب العمل بها فهم يرون انه لو لم يكن قبول صاحب العمل مطلب المشروعية الإستقالة لما ذكره النظام، كذلك يستندون على ذات نص المادة 79 مكرر لانه في الفقرة 2 ذكرت " ينتهي عقد العمل بالاستقالة من تاريخ قبول صاحب العمل بها او ... وبالتالي لو لم يكن هناك حق الصاحب العمل في قبول الاستقالة من عدمه لما تم ذكر قبول صاحب العمل، كذلك الفقرة 3 من ذات المادة حينما تحدثت المادة عن حق العامل في العدول عن طلب الإستقالة اشترطت ان صاحب العمل لم يقبلها بعد، ولو كانت الاستقالة كافية للإنهاء لما كان هناك من داعي لهذا الشرط، وبالنسبة لما ذكره الفريق الأول بخصوص بعض أحكام محكمة النقض المصرية فقالوا إن هذه الأحكام كانت مبنية على قانون العمل القديم اما القانون الجديد فهو يستلزم موافقة صاحب العمل. كذلك استندوا الفريق الثاني على ان المادة 77 لم يطالها التعديل، وهذه المادة حددت التعويض في العقود المحددة المدة في الفقرة الثانية، ولكن الفريق الثاني يقول انه على حسب قول الفريق الأول لم يعد لهذه الفقرة حاجة فيما يتعلق بالعامل وهذا يخالف المنطق فالمادة موجودة ولم تعدل. 2 الممسوحة ضوئيا بـ CamScanner اما بالنسبة لي أنا فإنني لم أكتفي بما سبق لأحدد الرأي الذي اميل إليه في هذه المسألة، فعدت لنظام المعاملات المدنية لأجد ان المادة 479 قالت تسري على عقد العمل النصوص النظامية الخاصة به، وعندها اعملت النظر هل هذا الموضوع كان له حكم خاص؟ ما كان له حكم خاص فيجب أتباعه، ولكن مالم يكن له حكم خاص فعندها نعود لنظام المعاملات المدنية، ووفي هذه المسألة المرتبطة بقبول صاحب العمل للإستقالة أمر فيه نقاش فقلت أعود الأستنير بأحكام نظام المعاملات المدنية بالفعل حينما عدت لنظام المعاملات المدنية وفي مادته 77 والتي تقول إذا جعل نص نظامي لأحد المتعاقدين الحق في طلب إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق، فلم أجد هذا النص ينطبق على المسألة محل النقاش، لأنه وبالنظر إلى عقد العمل والاستقالة فلا علاقة لها بالإبطال، والمادة تتحدث عن إبطال ولا تتحدث عن إنهاء العقد. وفي المادة (94) حددت أن العقد الصحيح لا يجوز نقضه وتعديله إلا بالإتفاق أو بمقتضى نص نظامي، ولكن في المادة 105 والتي تتحدث عن الإقالة ذكرت " للمتعاقدين أن يتقايلا العقد برضاهما في المحل أو بعضه، وتطبق على الإقالة شروط العقد فقلت هذه مادة بالغة الأهمية فقد وضعت شرط الرضا من كلا الطرفين وهذا يعضد قول الفريق الثاني وعندما عدت إلى المادة 720 ووجدت أن القاعدة الأولى تنص على أن " الأمور بمقاصدها فهمت من خلالها ان العقد المحدد المدة المقصود فيه التزام طرفي العقد بالعمل لمدة محددة، وفي إعطاء أحد الطرفين الحق في الاستقالة تجريداً لهذا العقد من مقصده وهو المدة، كذلك ورد في القاعدة العاشرة " الأصل في العقود والشروط الصحة واللزوم وفهمت حينها أن شرط المدة صحيح ولازم وبالتالي هو أصل في العقد، وكذلك ان إعطاء هذا الحق للعامل لينهي هذا العقد وقتما يشاء مخالفة لهذه القاعدة. كذلك استوقفتني القاعدة العشرون من المادة 720 التي تقول " إذا تعارض المانع والمقتضى قدم المانع لأجد فيها جواباً متعلق بالتعريف الوارد في المادة الثانية من نظام العمل والذي عرف الإستقالة بأنها إفصاح العامل كتابة عن رغبته دون إكراه في إنهاء عقد عمل محدد المدة دون تعليق على قيد او شرط، وقبول صاحب العمل بها" لأجد ان عدم قبول صاحب العمل بها مانع مقدم على مقتضى الإستقالة. وبناء على كل ما سبق، فإن الرأي الذي أتبناه شخصياً هو الآتي: أن الاستقالة سبب مشروع منهي للعقد في حالة من ثلاث حالات، الأولى قبول صاحب العمل بها والثانية مرور ثلاثين يوماً على تقديمها لصاحب العمل دون أن يرد عليها والثالثة ان تمر مدة التأجيل التي تزيد عن ستين يوما وهذا وارد في الفقوة 2 من المادة 79 مكرر، وهذه هي الإستقالة الوردة في المادة 74. ولكن أجد انه يحق لصاحب العمل رفض الإستقالة خلال مدة الثلاثين يوما من تاريخ تقديم العامل للاستقالة وبالتالي يختل شوط من شروط صحة لاستقالة فتسقط حينها، لأن التعريف ذكر قبول صاحب العمل في تعريفها، فإذا رفض صاحب العمل الإستقالة خلال 30 يوم من تقديمها فلم تعد هناك استقالة، أقول بهذا القول لهذا السبب ولغيره من الأسباب التي وردت في أقوال الفريق الثاني أعلاه. ثم إنني أقول لمن تمسك بالمادة 74 بشكل مجرد وان ذكر الاستقالة فيها يجعلها سبب مشروع لذاتها أقول له إن المشروعية شرط لأي تصرف، فذات المادة 74 قالت في الفقرة 3 ما يلي " بناء على إرادة احد الطرفين في 3 الممسوحة ضوئيا بـ CamScanner العقود غير المحددة المدة وفقاً لما ورد في المادة الخامسة والسبعين فهل نقول ان إرادة أي طرف هي سبب مشروع لذاتها ؟ بالطبع لا، كذلك الحال في الإستقالة فلا تصح إلا بتحقيق شروطها وهي الواردة في تعريفها من وجوب كتابتها وان تكون دون إكراه وأن لا تعلق على قيد او شرط وأن يقبل بها صاحب العمل، وعالجت المادة 79 مكرر حالتين إضافيتين متعلقة بحال صاحب العمل الأول عدم الرد على الطلب مع انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخها أو انقضاء طلب التأجيل، بل إن معالجة موضوع عدم الرد وحده بقول النظام يعد طلب الإستقالة المقدم مقبولاً إذا مضى على تقديمه ثلاثون يوماً دون رد من صاحب العمل، دليل صحيح ان لصاحب العمل القبول من عدمه وانت المادة لتعاقب صاحب العمل المهمل المضار فاعتبرت حينها عدم الرد لمدة تزيد عن ثلاثين يوماً قبولاً منه، وكل ما سبق يؤكد حق صاحب العمل في الرفض، لأنه لو كانت الإستقالة لا علاقة لها بقبول صاحب العمل من عدمه لأصبحت سارية من تاريخ تقديمها. بقي أمران، الأول كيف تحسب مكافأة العامل المستقيل، والثاني هل تسري أحكام النظام على العقود السابقة؟ فأما مكافأة نهاية الخدمة للعامل المستقيل فتنطبق عليها أحكام المادة 85 من النظام لان المادة 79 مكرر ذكرت هذا الامر بوضوح في الفقرة السادسة بها، وأما على السريان فبالطبع تسري، لا يقبل الآن من عامل عقده غير محدد المدة ان يقدم استقالة، ولكن يتعامل حسب الفقرتين 1 و 3 من المادة 74 من نظام العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق